في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حين كان مقعد الجامعة حِكرًا على الرجال، تقدّمت «صوفيا جيكس-بليك» إلى جامعة إدنبرة لدراسة الطب، فاشتعلت واحدةٌ من أشرس المعارك في تاريخ التعليم البريطاني. رُفِضت من الجامعة، وسَخِر منها بعضُ الأساتذة، لكنها لم تتراجع؛ بل جمعت حولها ستَّ نساءٍ أُخريات عُرِفن لاحقًا بـ «فتيات إدنبرة السبع». ومنذ تلك اللحظة بدأت رحلةً شاقّة: محاضراتٌ تُمنَع عنهن، وأجورٌ مضاعفة تُفرَض عليهن، ومنحٌ دراسية تُنتَزع منهن رغم تفوّقهن، وأبوابُ المستشفى الجامعي تُغلَق في وجوههن، حتى اضطررن إلى حضور دروس التشريح خارج أسوار الجامعة. وهناك استُقبِلن بجحافل الغوغاء الذين رشقوهن بالطين وأمطروهن بالشتائم. ولم يقف الظلم عند هذا الحد؛ بل حُوكِمت صوفيا نفسها بتهمة التشهير، وغُرِّمت مبالغَ باهظة، فيما أفلت المعتدون عليها من العقاب.
ومع كل ذلك، لم تنكسر عزيمتها. حملت صوفيا وزميلاتُها قضيتهن إلى القضاء، ثم إلى البرلمان البريطاني، حتى صار صوتهن رمزًا لمعركةٍ أوسع غيّرت القوانين البريطانية وفتحت أبواب الجامعات أمام النساء. وبين إدنبرة ولندن وباريس وأمريكا، تنقّلت الفتيات بحثًا عن العلم، فأنشأن أولَ كلية طب نسائية في لندن، ورسمن الأسس الأولى لمستقبلٍ تُشارِك فيه المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل. ولم يأتِ الاعتراف الكامل إلا بعد قرنٍ ونصف، حين منحت جامعة إدنبرة عام 2019 شهادةَ الدكتوراه الفخرية لصوفيا وصديقاتها تكريمًا لنضالهنّ الذي لم يَخمد أثره.
هذا الكتاب — الأوّل من نوعه بالعربية — يفتح نافذةً على تلك الملحمة المنسيّة، ليس لتأريخ الماضي وحسب، بل ليُذكِّر بأنّ العلم سلاحُ المرأة في مواجهة الجهل. وهو كذلك شهادةٌ على أنّ كلَّ حقٍّ مسلوب يحتاج إلى صبرٍ وكفاح، وأنّ المرأة حين تنهض لكرامتها تفتح للأمّة كلّها أبوابَ النور.
******
الكتاب متاح للقراءة مجانًا من هذا الرابط: هنــا
ومتاح كذلك مجانًا من خلال رابط آخر: هنــا
ومتاح للشراء من موقع أمازون من: هنا
ومتاح كذلك للشراء من Google Books من: هنا
رابط الكتاب على Goodreads: هنـا

